غادرها جسدي مُكره .. نبضُ القلب وعبقُ الياسمين {{حمص}} روحُ أجسادنا.
غادرها جسدي مُكره .. نبضُ القلب وعبقُ الياسمين {{حمص}} روحُ أجسادنا.
● مقالات رأي ٢٠ مايو ٢٠١٧

غادرها جسدي مُكره .. نبضُ القلب وعبقُ الياسمين {{حمص}} روحُ أجسادنا.

يكفيني من سنواتي الخمس الأخيرة "الحرية" التي عشتها في ظل الحصار فرغم مرارته وظلم من تاجر فيه  اكتشفت نفسي، اكتشفتُ نفسي هُنا، في مساحةٍ لا تتجاوز  ثلاثة آلاف متر.

 قادني للوعر  القدر وسرقني منها آخر ،وما بعد القدرين تاهت هويتي

ما قبل الرحيل

الشوارعُ التي اعتدتُ السير بها  فارغةٌ تماماً لم يعُد هُناك أحد فجميعهُم رحلو، لم يبقى سوى بضع عائلات، ومقاتلي الجبهات اللذين آثروا على جراحهم بصمودهم رُغم مرارة الجُرح الأخير  الذي أصابنا جميعاً، أسيرُ وحيداً في الشوارع كتائهٍ في صحراء الربع الخالي، أسيرُ وحيداً باحثاً عن ملامح الحياة ، أسيرُ وحيداً أصارع ذكرياتي فكلُّ شارعٍ  أخطوا به  لي فيه مئات الذكريات وآلاف الضحكات وبضعٌ من دموع القهر والخذلان،لقد أضحى ألمي كبيراً فقد تم ضبطُ أوتاره مع لحن الإنتظار ما هي إلا ساعاتٍ قليلة تفصلني عن مغادرتها مجبراً (مهزوماً) نعم لقد تمت  هزيمتنا من قبل من يدعون أنهم أنصاراً للثورة ، من قبل من يدعون أنهم اخوتنا، لم يستطع النظامُ هزمنا لكن من هزمنا تشرذُم قواتنا ونزاعاتهم،  هُزمنا من قبل حبُّ الذات والسُلطة قامت ثورتُنا على طاغية فظهر معهُ مئات الطواغيت.

على قارعة الطريق
أربع عشر  ساعة ولا زلتُ أنتظر أن يكتمل نقل المهجرين نحو ممكان التجمع وهو "تحويلة حمص /مصياف"، انتثر المهجزين في العراء وافترشوا الرمال فمنهم من لهُ 23 ساعة ولا زال ينتطر.
لا شيء أمامي سوى تلك الحافلات التي رست مناقصتها لصالح الوسيط الروسي في مؤتمر أستانا بدورتهُ الثالثة حيث تم البدء بإخلاء أهالي حي الوعر في  تاريخ اليوم ذاته الذي انطلقَ فيهِ الربيعُ السوري، فيما وقعت اتفاقيةٌ جديدة في استانا بدورته الرابعة نصت على دخول حافلات التهجير الخضراء لبرزة والقابون، هذه الحافلات باتت شبحاً يجول في جميع المناطق المحاصرة ففي النهاية لا يوجد طاقة كافية لتحمل آلة التدمير الوحشية وسياسة الجوع القذرة،

لا بُدّ أن تُحكى

عدة مواقف يستحق الوقوف عندها  استوقفتني عدة مواقف تختصر في تفاصيلها قصة التهجير
سألت أحد رفاقي المغادرين إلى إدلب "وين صافن" فذهلني باجابته التي كانت مزيجاً من كلمات القهرّ والظلم والتي كانت
سَامَحَكَ اللَّهُ يا صاحِ
هلْ كانَ لِزاماً تَسأَلُني وَتقولُ أينَ بيَ الدُنيا
فَمُقَدَّسُ حِمصَ يُدَنِّسهُ ،،، جنسٌ قَد أُنْتِجَ بِسِفَاحِ
دعني للدَمعِ يُرافِقْني ،،، صُورٌ يا حمصُ وَلا لُقْيا   !!
هلْ كانَ لِزاماً تسألُني ،،،
أَنا عَاشِقُ زَهرَ مَدينَتِهِ أَصبَحتُ اليَومَ أُطَالِعُهَا بِكُتَيِّبِ قَومٍ سُيَّاحِ

 كما  استوقفني منظرُ امرأةٍ سبعينية تحضن ابنها الشاب باكيةً وتطلق صرخاتٍ من الألم بطريقة "العتابا" الشعبية
استطعت فهم البعض منها
وان راحو شمالي يحشون الحشيش
والباص الاخضر من لون الحشيش
قلي يا مطرود وين رايح تعيش
على درب الباب وتنساني أنا
لم ينتهي المشهدُ هنا فكان ردُّ الشاب لأمه صاعقاً في مشهد كانت الدموع البطل فيهِ فقال الشاب

سرينا جبال ما ندحج ورانا
حكم بشار والدولة ورانا
أمي الحنونة لا تبكي ورانا
ترانا سباع بديار الأجناب

بيتان من العتابا الشعبية اختصرت فيهم قصةُ وطنٍ تَشرد

كنت أفتقد اﻷشخاص الذين يغيبون عن الوعر ، فيبقى لي منهم  أرواحهم وقطعةُ رخامٍ حُفرت عليها أسمائهم عاثت فيها شظايا الحقد خراباً ،اليوم أنا أفتقد (الوعر) وأهل (الوعر)، اليوم أنا أفتقد (حمص)  وأهل (حمص).

المصدر: شبكة شام الاخبارية الكاتب: رضوان الهندي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ